علوم القرآن نشأتها و تطورها
القرآن الكريم هو معجزة الخالدة, أنزله الله على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم – ليخرج الناس من الظلمات إلى النور , ويهديهم إلى الصراط المستقيم , فكان صلوات الله و سلامه عليه يبلغه أصحابه رضي الله عنهم – و هم عرب خلص- فيفهمونه بسليقتهم و إذا التبس عليهم فهم آية من الآيات سألوا رسول الله عنها وكان يفسر لهم بعض الآيات ابتداء , و كانوا – رضي الله عنهم – يقرؤون القرآن و يتدبرون معانيه و يتدارسون أحكامه , ويحفظونه و يفسرونه و يعلمون به, ولم يكونوا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من العلم و العمل.
و بعد اتساع الفتوحات الإسلامية انتشر الصحابة- رضوان الله عليهم- في البلدان المفتوحة يعلمون أهلها القرآن و يفسرون لهم معانيه و ينشرون علومه من أسباب النزول و الناسخ و المنسوخ و غير ذلك من علوم القرآن.
و قد كثرت الرواية في التفسير عن ثلاثة أصحاب الرسول ، نشأت لكل منهم مدرسة للتفسير تتلمذ فيها طائفة من كبار التابعين , و الصحابة هم : عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في مكة, أبي بن كعب -رضي الله عنه- في المدينة , و عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- في الكوفة.
و ظل هذا كله معتمدا على الرواية بالتلقين,حتى جاء عصر التدوين في القرن الثاني فبدأ التابعون و من بعدهم بالكتابة في التفسير و القراءات , وأسباب النزول , وغريب القرآن , و الناسخ و المنسوخ, و مشكل القرآن و إعجازه و غير ذلك.
ثم افتتح باب التأليف على مصارعيه فألفت في علوم القرآن مؤلفات كثيرة. ثم اتجهت أنظار بعض العلماء إلى تأليف كتب تتحدث عن علوم القرآن كلها و تعرف بها، و من أشهر مؤلفات على هذا النحو :
- البرهان في علوم القرآن للزركشي (794هـ)
- الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (911 هـ)
- مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني (1367هـ)
- مباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح
- مباحث في علوم القرآن للدكتور مناع القطان
و غيرها كثير.
تعريف علوم القرآن
تعريف العلوم :
العلوم جمع علم ، و العلم في اللغة مصدر يرادف : الفهم و المعرفة ، وهو نقيض الجهل ؛ يقال علم علما ، فهو عالم . و يرادف : الجزم أيضا في الرأي.
و قيل العلم هو : إدراك الشيء على ماهو به.
و قيل : زوال الخفاء من العلوم. و قيل : العلم صفة راسخة تدرك بها الكليات و الجزئيات وغيرها من التعريف.
تعريف القرآن :
القرآن لغة : مصدر مرادف للقراءة ، و منه قوله تعالى : ((إن علينا جمعه و قرآنه- فإذا قرأناه فاتبع قر آنه))1
و القرآن في الاصطلاح : فهو كلام الله المعجز ، المنزل على الرسول المتعبد بتلاوته ، المنقول عنه نقلا متواترا ، والمكتوب في المصاحف.
تعريف علوم القرآن:
مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من ناحية نزوله، وترتيبه و جمعه، وكتابته و قراءته، و تفسيره ، و إعجازه ، و ناسخة و منسوخه ، و دفع الشبه عنه ، و نحو ذلك .
موضوعه :
القرآن الكريم من أية ناحية من النواحي المذكورة في التعريف.
فائدته :
و فائدة هذا العلم ترجع إلى الثاقفة العالية العامة في القرآن الكريم ، و إلى التسلح بالمعارف القيمة فيه ، استعدادا لحسن الدفاع عن حمى الكتاب العزيز ، ثم إلى سهولة خوض غمار تفسير القرآن الكريم به، كمفتاح للمفسرين.
الوحي
تعريفه
لغة : هو الإعلام الخفي.
و يطلق على الإشارة , و الكلام الخفي , و الكتابة , و الإلهام.
شرعا : هو تكليم الله تعالى الأنبياء أو الرسل بطريقة من طرق الوحي.
أقسام الوحي :
الأول : التكليم :
أي تكليم الله رسله, أحيانا بواسطة جبريل, و أحيانا بغير واسطة و على النحو الأول : أنززل القرآن على رسول الله , و على النحو الثاني : كلم الله موسى عليه السلام
الثاني : الرؤيا الصالحة للأنبياء
فهي من الوحي كما حدث لإبراهيم -عليه السلام- حينما رأى في المنام أنه يذبح ابنه ‘سماعيل -عليه السلام- ((قال يبني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ))2
كما حدث لنبينا محمد قبيل نزول القرآن عليه , فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت : أول ما بدئ به الرسول من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم , فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح …. الحديث)) متفق عليه.3
أما الرؤيا الصالحة لغير الأنبياء من المؤمنين فليست وحيا و إنما هي من المبشرات.
الثالث : الإلهام
وهو إلقاء المعنى في القلب حال يقظة, بعكس الرؤيا. فإلهام الأنبياء عليهم السلام وحي؛ لأنهم معصومون من وسوسة الشياطين و من الضلال و الزلل. أما إلهام غير الأنبياء فليس بوحي.
كيف كان نزول الوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
لنزول جبريل بالوحي على رسول الله حالتان :
الحالة الأولى : أن يتمثل جبريل على صورة إنسان يراه الحاضرون و يسمعون كلامه.
الحالة الثانية : أن يأتي جبريل الرسول مثل صلصلة الجرس , ولا يراه أحد, و يغط الرسول من ثقل الوحي عليه, وهذه الحالة الأولى.
و دليل هاتين الحالتين حديث عائشة -رضي الله عنها- أن الحارث بن هشام - رضي الله عنه- سأل رسول الله فقال : يا رسول الله , كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه و سلم – ((أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشد علي, فيفصم4 عني و قد وعيت عنه ما قال, وأحيانا يتمثل لي الملك5 ر جلا فيكملني فأعي ما يقول)) قالت عائشة ر ضي الله عنها- : و لقد رأيت ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فينفصم عنه و إن جبينه ليتفصد عرقا. رواه البخاري6.
نزول القرآن الكريم
نزول القرآن منجما
أول ما أنزل القرآن على رسوله كان في ليلة القدر من رمضان , قال تعالى : (( إنا أنزلناه في ليلة القدر))7, وقال تعالى : ((إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين- فيها يفرق كل أمر حكيم ))8 , وقال تعالى : (( شهر رمضان الذي أنول فيه القرآن هدى للناس و بينات من الفرقان...))9, ثم تتابع نزول القرآن الكريم على نبينا محمد منجما (أي مفرقا) حسب الوقائع و الأحداث و حاجات الناس, و ذلك خلال ثلاث و عشرين سنة, منها ثلاث عشرة في مكة , وعشر سنين في المدينة, قال تعالى : (( و قرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث و نزلناه تنزيلا ))10 .
و الذي نزل بالقرآن من الله تعالى إلى النبي جبريل أحد الملائكة المقربين الكرام , قال تعالى : ((و إنه لتنزيل من رب العالمين- نزل به الروح الأمين))11
حكمة نزول القرآن منجما :
لنزول القرآن مفرقا حكم كثيرة منها :
- تثبيت فؤاد الرسول , وتقوية قلبه فكلما اشتد الأذى من المشركين على الرسول نزل عليه القرآن ففرح همه و أزال غمه, قال تعالى :(( و قال الذين كفروا لو لا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك و رتلناه ترتيلا- و لا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و أحسن تفسيرا ))12
- تيسير فهمه و تلاوته و حفظه , و استعاب معانيه, و العمل به حيث يقرأ عليهم شيئا فشيئا لقوله تعالى : ((و قرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث و نزلناه تنزيلا))
- تنشيط الهمم لقبول ما نزل من القرآن و تنفيذه حيث يتشوق الناس بلهف و شوق إلى نزول الآية ولا سيما عند اشتداد الحاجة إليها كما في آيات الإفك.13
- التدريج في التشريع حتى يصل درجة الكمال كما في آيات الخمر و غيرها, و التدرج في تربية المسلمين و تقوية إيمانهم حيث كانواحديثي عهد بالإسلام حين نزول القرآن.
جمع القرآن و تدوينه
تكفل الله بحفظ القرآن إلى أن تقوم الساعة , وهيأ له من أسباب الحفظ و العناية ما يحقق ذلك . من أول مظاهر هذه العناية كتابة القرآن و جمعه . و قد مر ذلك بثلاث مراحل :
المرحلة الأولى :
في عهد النبي ،
و كان الاعتماد على الكتابة , لقوة الذاكرة, وسرعة الحفظ , وقلة الكاتبين و وسائل الكتابة ؛ ولذلك لم يجمع في مصحف بل كان من سمع آية حفظها أو كتبها فيما تيسر له من عسب النخل و رقاع الجلود و لخاف الحجارة و كسر الأكتاف.
و كان الرسول إذا نزلت عليه الآية أو السورة من القرآن قرأها على أصحابه كما سمعها من جبريل -عليه السلام- , و أمر كتاب الوحي بكتابتها كما قرأها . و كان كتاب الوحي من خيرة الصحابة و منهم : الخلفاء الراشدون, و زيد بن ثابت , و معاوية بن أبي سفيان, و أبي بن كعب -رضي الله عنهم-.
المرحلة الثانية :
في عهد أبي بكر -رضي الله عنه -
في عام 12 هـ , و سببه أنه قتل في وقعة اليمامة عدد كبير من القراء منهم سالم مولى أبي حذيفة أحد الذين أمر النبي بأخذ القرآن عنهم , فأمر أبو بكر - رضي الله عنه- بجمع القرآن لئلا يضيع , ففي صحيح البخاري أن عمربن الخطاب -رضي الله عنه- أشار على أبي بكر- رضي الله عنه- بحمع القرآن بعد وقعة اليمامة فتوقف فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح الله صدر أبي بكر - رضي الله عنه- لذلك , فأرسل إلى زيد بن ثابت -رضي الله عنه- , فقال أبو بكر رضي الله عنه : إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك,و قد كنت تكتب الوحي للرسول الله فتتبع القرآن فاجمعه . قال فتتبعت القرآن أجمعه من العسب و اللخاف و صدور الرجال فكانت الصحف عند أبي بكر- رضي الله عنه- في حياته, ثم عند حفصة بنت عمر -رضي الله عنها-. رواه البخاري14 مطولا. و قد وافق المسلمون أبا بكر على ذلك و عـدوه من حسناته حتى قال علي رضي الله عنه : ((أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر - رضي الله عنه -رحمة الله على أبي بكر هو أول من حمع جتاب الله ))
المرحلة الثالثة :
في عهد أمير المؤمنين عثمان – رضي االله عنه- في السنة الخا مسة و العشرين,
و سببه : اختلاف الناس في القراءة بحسب اختلاف الصحف التي في أيدي الصحابة – رضي الله عنهم- فخيفت الفتنة, فأمر عثمان -رضي الله عنه- أن تجمع هذه الصحف في مصحف واحد. لئلا يختلف الناس فيتنازعوا في كتاب الله تعالى و يتفرقوا. ففي صحيح البخاري أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان من فتح أرمينية و أذربيجان و قد أفزعه من اختلافهم في الكتاب اختلاف اليهود و النصارى , فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك, ففعلت فأمر زيد بن ثابت و عبد الله بن الزبير و سعيد بن العاص و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف , وكان زيد بن ثابت أنصاريا و الثلاثة قرشيين , و قال عثمان للرهط الثلاثة القرشيين : إذا اختلفتم أنتم و زيد بن ثابت في شيئ من القرآن فامتتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلو حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة و أرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا و أمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. و قد فعل عثمان رضي الله عنه هذا بعد أن استشار الصحابة رضي الله عنهم لما روى ابن أبي داود عن علي رضي الله عنه أنه قال : والله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملإ منا , قال أرى أن نجمع الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقة و لا اختلاف , قلنا فنعم ما رأيت . و قال مصعب بن سعد : أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك أو قال لم ينكر ذلك منهم أحد, وهو من حسنات أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه التي وافقه المسلمون عليها.
المكي و المدني
نزل القرآن على النبي صلى الله عليه و سلم مفرقا خلال ثلاث و عشرين سنة قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم أكثرها بمكة قال الله تعالى : ( و قرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث و نزلناه تنزيلا)), و لذلك قسم العلماء رحمهم الله تعالى القرآن إلى قسمين , مكي و مدني :
فالمكي : ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل هجرته إلى المدينة.
المدني : ما نزل على النبي بعد هجرته إلى المدينة.
و قد مرت الدعوة الإسلامية خلال فترة نزول القرآن بأطوار و مراحل بحسب حال المسلمين و أعدادهم و استعدادهم, كما أن القرآن اهتم في أول الإسلام بتقرير العقيدة و تصحيحها أولا , ثم تدرج منها إلى بيان الحلال و الحرام و سائر الأحكام الأخرى . و كان ذلك في المدينة غالبا إلى أن أكمل الله الدين . لذلك تجد للآيات و السور المدنية.
خصائص المكي :
- قوة الأسلوب و شدة الخطاب ؛ لأن غالب المخاطبين معرضون مستكبرون.
- قصر الآيات و قوة المحاجة.
- العناية بتقرير التوحيد و العقيدة السليمة خصوصا ما يتعلق بتوحيد الألوهية و الإيمان بالبعث ؛ لأن غالب المخاطبين ينكرون ذلك.
- وضع الأسس العامة للتشريع و الأمر بأصول العبادات.
- الاستشهاد كثيرا بقصص الأنبياء و السابقين لتقرير مسائل العقيدة و تحذير المشركين مخالفة الرسول صلى الله عليه و سلم و بيان ما جرى للمخالفين من الأمم السابقة.
خصائص المدني :
- الغالب في أسلوبه اللين و سهولة الخطاب ؛ لأن غالب المخاطبين مقبلون منقادون .
- الغالب فيه طول الآيات و ذكر الأحكام مرسلة بدون محاجة.
- الغالب فيه تفصيل العبادات و المعاملات و الحدود.
- الإفاضة في ذكر الجهاد و أحكامه , و المنافقين و أحوالهم و هتك أستارهم و تحذير المسلمين منهم, و من أفعالهم .
- جدال أهل الكتاب و إثبات تحريف كتبهم و دعوتهم إلى الإسلام.
أسباب النزول
تعريفه : هو ما نزل قرآن بشأنه و قت وقوعه.
فوائد معرفة بسبب النزول:
- الاستعانة به على فهم الآية. قال ابن تيمية : ((معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب))
- تيسير الحفظ و تسهيل الفهم و تثبيت معنى الآية في ذهن كل من يعرف سبب نزولها, ولهذا نتذكر كثيرا سبب النزول إذا قرأنا الآية و نستحضر الآية إذا تذكرنا سبب النزول.
- بيان الحكمة التي دعت إلى تشريع حكم من الأحكام, وإدراك مراعاة الشرع للمصالح العامة في علاج الحوادث رحمة بالأمة.
- بيان أن القرآن نزل من الله تعالى , و ذلك أنه ينزل جوابا عن سؤال أو بيانا لأمر خفي على الرسول -صلى الله عليه و سلم-
صيغة سبب النزول
صيغة سبب النزول إما أن تكون نصا صريحا في السببية , و إما أن تكون محتملة.
فتكون نصا صريحا في السببية إذا قال الراوي : ((سبب نزول هذه الآية كذا …)) , أو إذا أتى بفاء تعقيب داخلة على مادة التنزيل بعد ذكر الحادثة أو السؤال, كما إذا قال : ((حدث كذا..)) أو سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن كذا فنزلت الآية)). فهاتان صيغاتان صريحاتان في السببية.
فتكون الصيغة محتملة للسببية و لما تضمنته الآية من أحكام إذا قال الراوي :(( نزلت الآيات في كذا ) فذلك يراد به تارة سبب النزول و يراد به تارة أنه داخل في معنى الآية ، و وكذلك إذا قال : ((أحسب هذه الآية نزلت في كذا )) فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب ، فهاتان صيغاتان تحتملان السببية و غيرها كذلك.
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب :
إذا نزلت الآية لسبب خاص و لفظها عام كان حكمها شاملا لسببها و لكل ما يتناوله لفظها لأن القرآن نزل تشريعا عاما لجميع الأمة فكانت العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص سببه.
مثال ذلك آيات اللعان و هي في قوله تعالى : (( والذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين - والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين – و يدرؤ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين – و الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين))
ففي صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن هلال بن بن أمية قذف امرأته عند النبي -صلى الله عليه و سلم – بشريك بن سحماء ، فقال النبي : البينة ، أو حد في ظهرك ، فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد ، فنزل جبريل وأنزل عليه : ((والذين يرمون أزواجهم)) فقرأ حتى بلغ : ((إن كان من الصادقين))
فهذه الآيات نزلت بسبب قذف هلال بن أمية لامرأته لكن حكمها شامل له و لغيره بدليل ما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه – أن عويمرا العجلاني جاء إلى النبي فقال : يا رسول الله رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع ؟ فقال النبي : قد أنزل الله القرآن فيك و في صاحبتك ، فأمرهما رسول الله بالملاعنة بما سمى الله في كتابه فلاعنها ….. الحديث. فجعل النبي حكم هذه الآيات شاملا لهلال بن أمية و لغيره.
القراءات و القراء
القراءات في االلغة : جمع قلراءة و هي التلاوة
و في الاصطلاح :
هي كيفية أداء ألفاظ و كلمات القرآن الكريم و حروفه على وجوهها المختلفة كما رويت عن رسول الله
القراءات السبع و الأحرف السبعة
نزل القرآن الكريم بلسان العربي كما قال نعالى : ((بلسان عربي مبين)). و العرب قبائل كثيرة ، بينها اختلاف اللهجات و في نبرات الأصوات و مخارج الحروف، و شهرة بعض الألفاظ عند قبيلة وندرتها عند أخرى ، و قد ثبت عن رسول الله أنه قال : ((إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه )) متفق عليه.
و قد ذهب أكثر العلماء إلى أن المراد بالأحرف السبعة سبعة لغات من لغات العرب في المعنى الواحد نحو : أقبل ، و تعالى ، و هلم، ، وعجل، و أسرع فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد وإليه ذهب سفيان بن عيينة ، و ابن جرير، و غيرهما، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء.
و ليس المقصود هنا بالأحرف السبعة أنه على سبع القراءات ؛ لأن عدد القراءات السبع و الأحرف السبعة غير مقصود، و إنما سميت القراءات السبعة نسبة لاشهر القراء و أجدرهم ، فكان عددهم سبعة فسميت بعددهم.
و ليس القراء محصورين في هؤلاء السبعة بل هم كثيرون منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم الذين تلقوا القرآن عن رسول الله و اهتموا بإتقانه إقرائه للناس ، ثم من تلقى عنهم من التابعين ثم أتبع التابعين و هكذا.
و قد ألف بعض أهل العلم في القراءات و جمعوا عددا من القراءات للقراء المشهورين في عصرهم ، و أول من اقتصر على قراءات السبعة هو أبو بكر بن مجاهد (ت 324 هـ) ، و جاء اقتصاره عليهم اتفاقا لأنه أخذ على نفسه ألا يروي إلا عمن اشتهر بالضبط و الأمانة و طول العمر في ملازمة القراء و اتفقت الآراء على الأخذ عنه و التلقي منه.
مشاهر القراء :
أولا : أشهر القراء من الصحابة :
- عثمان بن عفان رضي الله عنه توفي سنة 35 هـ.
- علي بن أبي طالب رضي الله عنه توفي سنة 40 هـ.
- أبي بن كعب رضي الله عنه توفي سنة 19 هـ.
- زيد بن ثابت رضي الله عنه توفي سنة 45 هـ .
- عبد الله بن مسعود رضي الله عنه توفي سنة 32 هـ.
- أبو موسى الأشعري رضي الله عنه توفي سنة 42 هـ.
ثانيا : القراء السبعة : و هم على ترتيب الوفيات.
- ابن عامر إمام أهل الشام في القراءة و هو أبو عمران عبد الله بن عامر اليحصبي ,، تابعي جليل ، أخذ القراءة من المغيرة بن أبي شهاب عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله ، توفي سنة 118 هـ.
و أشهر من روى قراءته – بواسطة – اثنان هما :
أ ) هشام بن عمار الدمشقي ت 245 هـ.
ب) ابن ذكوان ، واسمه : عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان (242 هـ)
- ابن كثير ، و هو أبو معبد عبد الله بن كثير الداري، و كان إمام الناس في القراءة في مكة ، لقي عددا من الصحابة ، و قرأ على عبد الله بن السائب المخزومي الصحابي عن أبي بن كعب و عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما – عن رسول الله . توفي سنة : 120 هـ .
و اشتهر بالرواية عنه – بواسطة – كا من :
أ)البزي ، وهو أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله (250 هـ)
ب) قنبل ، وهو أبو عمر محمد بن عبد الرحمن المخزومي و ((قنبل )) لقبه ( 291 هـ)
- عاصم إمام الكوفة، وهو أبو بكر عاصم بن أبي النجود الأسدي ، و كان كفيفا ، قرأعلى زر بن حبيش عن ابن مسعود و زيد بن ثابت ، وأبي بن كعب عن رسول الله . توفي سنة 127 هـ .
و أشهر من روى عنه القراءة – المباشرة – كل من :
أ ) أبو بكر شعبة بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي (193 هـ)
ب)حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي الكوفي (180 هـ ) و قد تربى في بيت عاصم . و أكثر روايات القرآن انتشارا في العالم اليوم هي رواية حفص عن عاصم.
- أبو عمرو بن العلاء إمام البصرة ، و اسمه زبان البصري قرأ على الحسن البصري عن أبي العالية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله ، وقرأ على جماعة من التابعين . توفي سنة 154 هـ.
و أشتهر روايات عنه -بواسطة – كل من :
أ ) الدوري ، وهو أبو عمر حفص بن عمر (246هـ).
ب) السوسي , وهو أبو شعيب صالح بن زياد (261 هـ).
- حمزة إمام الكوفة ، وهو أبو عمارة ححمزة بن حبيب الزيات ، قرأ على الأعمش عن يحيى بن و ثاب عن زر بن حبيش عن عثمان و ابن مسعود رضي الله عنهما عن رسول الله . توفي سنة 156 هـ.
و ممن أخذ عنه القراءة – بواسطة – كل من :
أ ) خلف بن هشام البزاز (229 هـ ).
ب) خلاد بن خالد الصيرفي (220 هـ ).
- نافع إمام المدينة، وهو أبو رويم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني ، أخذ القراء ة عن أبي جعفر القارئ و فيره من التابعين عن ابن عباس و أبي هريرة عن أبي بن كعب عن رسول الله . توفي سنة 169 هـ.
و ممن أخذ القراءة عنه – مباشرة – كل من :
أ ) قالون ، وهوأبو موسى عيسى بن مينا المدني (220 هـ).
ب) ورش ، وهو أبو سعيد عثمان بن سعيد المصري (197 هـ ).
- الكسائي إمام الكوفة ، وهو أبو الحسن علي بن حمزة ، أخذ القراءة عى حمزة الزيات الذي سبق ذكره ، توفي سنة 189 هـ.
و ممن أخذ القراءة عنه - مباشرة – كل من :
أ ) أبو الحارص الليث بن خالد الروزي (242 هـ ).
ب) الدوري , وهو أبو عمر حفص بن عمر ( 246 هـ ).
و قد ألحق بعض العلماء بهؤلاء السبعة ثلاثة آخرين فصاروا عشرة و من جاءت تسمية القراءات العشر ، وهي مشهورة و معتبرة عند الأئمة.
الرسول | |||||
| | | | | |
عثمان بن عفان | ابي بن كعب عمر بن الخطاب | عثمان بن عفان علي بن أبي طالب ابن مسعود أبي بن كعب | عمر بن الخطاب | عثمان بن عفان ابن مسعود | ابي بن كعب |
المغيرة بن أبي شهاب | عبد الله بن السائب | أبو عبد الرحمن السلمي | أبي العالية | زر بن حبيش | أبو هريرة ابن عباس |
عبد الله بن ابي عامر | عبد الله بن كثير | عاصم بن أبي النجود | الحسن البصري | الأعمش | أبو جعفر القاري |
أشهر من روى عنه : 1- هشام بن عمار 2- ابن ذكوان | أشهر من روى عنه : 1- البزي 2- قنبل | أشهر من روى عنه : 1- أبو بكر شعبة بن عياش 2- حفص بن سليمان | أشهر من روى عنه : 1- الدوري 2- السوسي | حمزة الزيات | نافع |
أشهر من روى عنه : 1- خلف بن هشام 2- خلاد بن الصيرفي | أشهر من روى عنه : 1- قالون 2- ورش | ||||
الكسائي | |||||
قراءة عاصم أكثر الرواؤات انتشارا في العالم | 1- أبو الحارث المروزي 2- الدوري | ||||
| |
القسم في القرآن الكريم
تعريف القسم :
القسن بفتح القاف و السين : اليمين، وهو تأكيد الشيء بذكر معظم بالواو أو إحدى أخواتها .
أدوات القسم :
الأصل في القسم أنه يؤدي بلفظه القسم ( أقسمت بالله ) و ما يقوم مقامها بمثل : (حلفت بالله)، و قد ورد لفظ القسم في القرآن في آيات كثيرة مثل قوله تعالى : ((لا أقسم بيوم القيامة))
و قد يحذف فعل القسم , وتنوب عنه الحروف كالباء و الواءو و التاء . وقد ورد القسم في القرآن الكريم بحرف الواو مثل قوله تعالى : ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ))
و كذلك حرف التاء كقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام : ((و تالله لأكيدن أصنامكم ))
المقسم به :
الله تعالى يقسم بنفسه و بغيره من مخلوقاته العظيمة الدالة على عظمته تعالى . فمثال القسم بنفسه قوله تعالى ((فورب السماء و الأرض إنه لحق مثل أنكم تنطقون))
ومثال القسم بغيره من مخلوقاته قوله تعالى : ((و الشمس و ضحاها))
أما المخلوق فلا يجوز له الحلف بغير الله ؛ لما صح عن رسول الله أنه قال : ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)) رواه الترمذي.
فائدة القسم :
للقسم في القرآن الكريم فوائد كثيرة ، منها :
- تأكيد الحق في نفوس السامعين ، و إزالة الشك و الريب و الذي يعتري بعض الناس.
- تقوية إيمان المؤمنين ، و إلزام الحجة و إقامة البرهان على الكافرين.
- بيان عظمة الخالق سبحانه بما أقسم به من مخلوقاته العظيمة.
القصص في القرآن الكريم
تعريف القصص :
القصص و القص في اللغة : هو تتبع الأثر ، قال تعالى : ((فارتدا على ءاثارهما قصصا)) أي : يتتبعان أثرهما، و القصة تطلق على الخبر و الحال ، وعلى الحديث.
و في الاصطلاح :
الإخبار عن قضية ذات مراحل يتبع بعضها بعضا.
و المقصود بقصص القرآن : ما ورد فيه من أخبار عن الماضين من الأمم و الأنبياء و غيرهم ، وما ورد فيه من ذكر للحوادث الواقعة.
و قصص القرآن أصدق القصص لقوله تعالى : ((ومن أصدق من الله حديثا))
و أحسن القصص لقوله تعالى : (( نحنةنقص عليك أحسن القصص))
وأنفع القصص لقوله تعالى : (( لقد كان في قصصهم عبرة لأول الألباب))
أنواع القصص:
القصص في القرآن ثلاثة أنواع :
- قصص الأنبياء ، و دعوتهم أقوامهم ، و المعجزات التي أيدهم الله بها و ما جرى لهم مع المؤمنين بهم و الكافرين.
- قصص تتعلق بحوادث غابرة ، و أفراد و طوائف جرى لهم ما فيه عبرة ، كقصة مريم ، لقمان ، و الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ، و الذي خرجوا من ديارهم و هم ألوف حذر الموت ، و قصة ذي القرنين ، و قارون ، و أصحاب الكهف، وأصحاب الفيل ، و أصحاب الأخدود و غيرهم.
- وقصص من حوادث ، و أ قوام في عهد النبي كقصة الإسراء و المعراج و غزوة بدر و أحد و الأحزاب و حنين و تبوك و بني قريظة و بني النضير و زيد بن حارثة و أبي لهب و غي ذلك.
الحكمة من تكرار القصص:
من القصص القرآنية ما يأتي متكررا حسب ما تعو إليه الحاجة و تضتضيه المصلحة كقصة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل ، و مع فرعون ، و كقصة نوح ، و إبراهيم ، و عيسى ،و صالح ، و هود عليهم السلام مع أقوامهم .
و إذا تأملنا في هذه القصص نجد أنها تتكرر بأساليب متعددة و صور متنوعة من حيث الطول و القصر ، و ذكر يعض جوانب القصة في موصوع دون آخر ، ومن الحكمة من هذا التكرار :
- بيان أهمية تلك القصة لأن تكرارها يدل على العناية بها.
- كثرة الدروس و العبر ، و تنويعها حسب الحاجة إليها .
- مراعاة الزمن و حال المخاطبين بها ، ولهذا تجد الإيجاز و الشدة غالبا فيما أتى من القصص في السور المكية , والعكس فيما أتى في السور المدنية .
- بيان البلاغة القرآن في ظهور هذه القصص بأساليب مختلفة ، على ما تقتضيه الحال دون إخلال بموضوع القصة و سياق أحداثها.
- ظهور صدق القرآن ، و أنه من عند الله عز و جل حيث تأتي هذه القصص متنوة بدون تناقض .
فوائد القصص :
للقصص القرآني فوائد منها :
- تقرير عقيدة التوحيد و عرضها و تثبيتها في النفوس بأساليب متنوعة من خلال قصص الأنبياء مع أممهم مع بيان إتقان الأنبياء في أصول الدعوة إلى الله تعالى . قال تعالى : (( و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون))
- تثبيت قلب النبي و قلب أتباعه و تقوية عزيمتهم و ثقتهم بنصر الله من خلال قصص للنبيين قبله، وما لاقوه من أقوامهم من صدود أذى ، و صبرهم حتى جاءهم نصر الله . كما قال تعالى : (( فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير و الله على كل شيء وكيل ))
- بيان ما تضمنته هذه القصص من الدروس و العظات لمن وفقه الله للتأمل و الاعتبار، كما قال تعالى : ((لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب))
- إظهار صدق النبي في دعوته بما أخبر به عن أحوال الماضين و الأمم السابقة التي لا يعلمها إلا الله ، قالى تعالى : (( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ))
- تحذير الافرين من الاستمرار في كفرهم ، وإقامة الحجة عليهم و بخاصة أهل الكتاب الذين يعرفون الحق ثم يجحدونه ، قال تعالى : ((أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم و للكافرين أمثالهم))، وغيرها كثير.
الأمثال في القرآن الكريم
تعريف الأمثال :
المثل و المثل و المثيل كالشبه و الشبيه لفظا و معنى.
فالمثل في القرآن هو تشبيه شيء بشيء في حكمه ، وتقريب المعقول من المحسوس.
((إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه))
ويطلق كذلك على الحال و القصة العجيبة نحو قوله تعالى : ((مثل الجنة التي وعد المتقون)) أي قصتها وصفتها يتعجب منها.
أنواع الأمثال في القرآن :
تنقسم الأمثال إلى ثلاثة أنواع :
- الأمثال المصرحة : و هي ما صرح فيها بلفظ الممثل أو ما يدل على التشبيه ، وهي كثيرة منها قوله تعالى : ((نثلهن كمثل الذي استوقد نارا...)
- الأمثال الكامنة ، وهي التي لم يصرح فيها ما فيها بذكر المثل، ولكنها تدل على منعان رائعة في إيجاز ، و يمثلون لهذا النوع بأمثلة منها :
- ما في معنى فولهم (خير الأمور الوسط) ، يقابله من الأمثال القرآن قوله تعالى : (( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط))
- ما في معنى قولهم : ( ليس الخبر كالمعاينة ) يقابله من الأمثال القرآن قوله تعالى : ((قال بلى و لكن ليطمئن قلبي))
- الأمثال المرسلة : و هي جمل أرسلت إرسالا من غير تصريح بلفظ التشبيه، فهي آيات جارية مجرى الأمثال ، ومن ذلك قوله تعالى : ((ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله))، وقوله تعالى : ((وعسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم ..)
فوائد الأمثال في القرآن :
- تصوير المعنى المراد بصورة المحسوس لتقريبه إلى الذهن و فهم المراد كتمثيل الذي ينفق ماله رياء فلا يكون له أجر بقوله تعالى : ((فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا و الله لا يهذي القوم الكافرين ))
- جمع المعاني الرائعة في عبارات موجزة كما سبق.
- الترغيب في فعل الخير وذلك بتشيه عاقبة ذلك بما هو محبب إلى النفس كضرب المثل لمن ينفق ماله في سبيل الله بحبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة .
- التنفير من المعاصي و ذلك بتمثيل فعلها بما تنفر منه النفوس كتمثيل الغيبة بأكل لحم الميت.
- يضرب المثل لمدح الممثل كقوله تعالى ((و مثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فئازره فاستغلظ فاستوى على سوقه))
- يضرب المثل لذم الممثل حيث يكون له صفة قبيحة كقوله تعلى : (( فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث لك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون – شاء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا...))
و قد أكثر الله تعالى من الأمثال في القرآن الكريم للتذكرة و العبرة ، قال تعالى : ((ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتفكرون))
كما استعملها الرسول في كثير من الأحاديث ، فينبغي أن يستعين بها المربون و يعتبرونها من وشائل جذب الانتباه و الإيضاح و التشويق ليتمكنوا من إيصال ما يريدون إلى المستمع.
النسخ في القرآن الكريم
تعريف النسخ :
النسخ في اللغة : هو الإزالة و التبديل .
و في الاصطلاح : هو رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر عنه.
وقوع النسخ :
وقع النسخ في القرآن الكريم في عهد الرسول وقت نزول الوحي ، رحمة بالمسلمين و رأفة بهم ، حيث كانوا حديثي عهد بالإسلام ، كانوا في جاهليتهم قد اعتدوا على أخلاق و تقاليد لا يرضاها الله ، ولا تقرها الشريعة ، فلما جاء الإسلام أخرجهم الله به من أحكام الجاهلية إلى حكم الله و شرعه بالتدرج حتى تتعود نفوسهم على قبول الحق ، و تتخلص من موروثات الباطل.
و هذا التدرج في التشريع اقتضى وجود النسخ في القرآن الكريم ، وقد دل القرآن على وقوع النسخ فقال تعالى : (( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ))
و قال تعالى ردا على الكفار حين أنكروا النسخ : ((وإذا بدلنا آية مكان آية و الله أعلم بما ينزل قالو أنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون))
و النسخ يكون في الأحكام الشرعية، ولا يقع في العقيدة و لا في الأخبار.
كما أن النسخ مخصوص بزم ن الوحي في حياة الرسول ، أما بعد وفاته فقد أكمل الله الدين و انفطع الوحي فلا يقع النسخ ، ثم إن النسخ في القرآن الكريم قليل و في آيات معدودة.
أنواع النسخ في القرآن :
النسخ الواقع في القرآ،ن الكريم من حيث التلاوة و الحكم على ثلاثة أنواع :
النوع الأول : نسخ تلاوة الآية و حكمها:
أي أن ترفع الآية من القرآن و يزول حكمها ، و مثاله :
عن عائشة رضي الله عنها – قالت : ((كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوي رسول الله و هن مما يقرأ من القرآن)). فقد نسخت العشر رضعات تلاوة و حكما ، أما الخمس رضعات فقد نسخت من تلاوة القرآن و بقي حكمها ، و يظهر أن نسخ تلاوتهم لم يبلغ كل الناس إلا بعد وفاة الرسول فتوفي بعض الناس يقرؤها.
النوع الثاني : نسخ حكم الآية مع بقاء تلاوتها في المصحف .
و مثاله قوله تعالى : ((يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ))
فقد نسخ حكمها بقوله تعالى : (( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا و تاب الله عليكم فأقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و أطيعوا الله و رسوله )) ، و هذا النوع هو الأكثر في القرآن .
النوع الثالث : نسخ التلاوة مع بقاء الحكم :
ومثاله قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( إن الله بعث محمدا صلى الله عليه و سلم بالحق ، و أنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها ، وعقلناها ، فرجم رسول الله و رجمنا بعده ...)) . و كذلك من أمثلته نسخ الخمس رضعات الذي سبق في النوع الأول .
النسخ إلى بدل و إلى غير بدل
و النسخ يكون إلى بدل و إلى غير بدل ، و النسخ إلى بدل إما إلى بدل أخف ، و إما إلى بدل مماثل و إما إلى بدل أثقل، وإليك المثال لكل قسم من هذه الأقسام :
- النسخ إلى إلى غير بدل : كنسخ الصدقة بين يدي رسول الله . و قد سبق ذكر الآيات الدالة على ذلك.
- النسخ إلى بدل أخف كما في قوله تعالى : ((والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج)) ، فبمقتضى هذه الآية كانت العدة للمتوفى عنهت زوجها حولا كاملا و قد نسخها قوله تعالى : ((والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا )) ، فأصبحت العدة لأربعة أشهر و عشرا.
- النسخ إلى مماثل كنسخ التوجه إلى بيت المقدس بالتوجه إلى الكعبة في قوله تعالى : (( فول وجهك شطر المسجد الحرام ))
- النسخ إلى بجل أثقل كنسخ الحبس في البيوت في قوله تعالى : ((والتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا )) . بالجلد للبكر أو الرجم للثيب.
الحكمة من النسخ :
للنسخ فوائد و حكم كثيرة منها :
- التدرج في تربية الأمة أثناء فترة انتقالها من الجاهلية إلى الإسلام مراعاة لمصالح العباد، للوصول بهم إلى مرتبة الكمال.
- التخويف على المسلمين و بيان نعمة الله عليهم في نسخ =الأحكام من الاثقل إلى الأخف.
- الابتلاء و الاختبار لإيمان المسلمين و ثبرهم ، وزيادة ثوابهم في نسخ الأحكام من الأخف إلى الأثقل.
ترجمة معاني القرآن
معنى الترجمة :
الترجمة لغة : البيان و الإيضاح.
و اصطلاحا : التبير عن الكلام بلغة أخرى .
أنواعها و حكم كل أنواع :
الترجمة نوعان :
النوع الأول : ترجمة حرفية : و ذلك بأن توضع ترجمة كل كلمة بإزائها ، و هذا يعني الترمة من اللغة العربية إلى لغة أخرى مع تطابق المعاني و المدلولات اللفظية، والمحافظة على نظم العبارات و ترتيبها.
النوع الثاني : ترجمة نعنوية أو تفسيرية : و ذلك بأن يعبر عن معنى الكلام بلغة أخرى من غير مراعاة المفردات و الترتيب ، فهي ترجمة تفسير القرآن الكريم .
حكم النوع الأول :
الترجمة الحرفية بالنسبة للقرآن الكريم مستحيلة، وذلك لأنه يشترط في هذا النوع من الترجمة شروط لا يمكن تحققها معها و هي :
- وجود مفردات في اللغة المترجم إليها بإزاء جروف اللغة المترجم منها.
- وجود أدوات المعاني في اللغة المترجم إليها مساوية أو مشابهة للأدوات في اللغة المترجم منها .
- تماثل اللغتين المترجم منها و إليها في ترتيب الكلمات حين تركيبها في الجمل و الصفات و الإضافات .
و قال البعض إن الترجمة الحرفية يمكن تحققها في بعض آيات أو نحوها ولكنها و إن أمكن تحققها محرمة لأنها لا يمكن تؤدي المعنى بكماله و لا أن تؤثر في النفوس تأثير القرآن العربي المبين ، و لا ضرورة إليها لإمكان الاستغناء عنها بالترجمة المعنوية .
وعلى هذا فالترجمة الحرفية محرمة اللهم إلا أن يترجم كلمة خاصة بلغة من يخاطبه ليفهمها من غير أن يترجم التركيب كله فلا بأس.
حكم النوع الثاني :
الترجمة المعنوية للقرآن جائزة في الأصل لأنه لا محذور فيها ، و قد تجب حين لا يمكن إبلاغ القرآن و الإسلام لغير الناطقين باللغة العربية إلا بها ، لأن إبلاغ ذلك واجب ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
شروط صحة ترجمة معاني القرآن :
يشترط لجواز الترجمة المعنوية الشروط التالية :
- أن يكون المترجم موثوقا في دينه و عقيدته و فكره و سلوكه.
- أن يكون المترجم ملما باللغتين العربية و المترجم إليها .
- أن يكون المترجم عالما بالتفسير و أصوله و علوم القرآن ، أو تكون الترجمة تحت إشراف عالم بها.
- أن تكون الترجمة عن تفسير موثوق و مأمون في العقيدة والمنهج.
- ألا تجعل الترجمة بديلا عن القرآن بحيث يستغنى بها عنه ، و على هذا فلا بد أن يكتب القرآن باللغة العربية و إلى جانبه هذه الترجمة لتكون كالتفسير له .
التفسير
تعريف التفسير :
التفسير في اللغة هو : البيان و الإيضاح .
و في الاصطلاح : بيان معاني القرآن الكريم و أحكامه و ألفاظه.
فالتفسير يشمل علوم القراءات ، و الناسخ و المنسوخ ، و أسباب النزول ، و اللغة و البيان و البلاغة و الإعجاز و الإعراب ،و الأحكام ، وغيرها من العلوم التي يحتاج إليها في تفسير القرآن.
نشأة التفسير و تطوره :
نزل القرآن الكريم على الرسول بلسان عربي مبين ، قال تعالى : ((إنا أنزلنناه قرآنا عربيا )) . وقال سبحانه ك ((بلسان عربي مبين)) . وقد تكفل الله تعالى لرسوله بحفظ القرآن و بيانه ، قال تعالى : (( إن علينا جمعه و قرآنه – فإذا قرأناه فابع قرآنه – ثم إن علينا بيانه )) .
فكان النبي يفهم القرآن ، وكان عليه أن يبينه لأصحابه ، قال تعالى : ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس)).
و كان الصحابة رضي الله عنهم يفهمون القرآن كذلك لأنه نزل عليهم بلغتهم و لكنهم يتفاوتون في الفهم، فقد يغيب عن واحد منهم ما لا يغيب عن الآخر .
فإن أشكلت عليهم كلمة أو يخفى عليهم معنى سألوا الرسول أو سأل بعضهم بعضا. و مما سأل الصحابة – رضي الله عنهم – عنه الرسول معنى الظلم في قوله تعالى : الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن و هم مهتدون)) . فقالوا : وأينا لم يظلم نفسه يا رسول الله ففسره النبي –صلى الله علي وسلم – بأنه الشرك ، واستدل بقوله تعالى : ((إن الشرك لظلم عظيم)).
و لما اتسعت الفتوحات الإسلامية و فتحتت البلدان و أقبل أهلها يتعلمون أمور الدين لم يكن كثير منهم عربا خلصا كالصحابة ، فاحتاجوا إلى بيان كثير من كلمات القرآن و معانيه فقام بذلك الصحابة ،و قد كانو يفسرون القرآن بالقرآن لأن آيات القرآن يفسر بعضها بعضا ، و بأقوال الرسول فإن لم يجدوا التفسير في القرآن و لا في السنة اجتهدوا في تفسيره، فهم قد شهدوا التنزيل و حضروا الأحداث في عهد رسول الله ، وهم أعلم من غيرهم بالتفسير ، و قد شتهر عدد من الصحابة بالتفسير ، منهم الخلفاء الأربعة الراشدون ، و عبد الله بن مسعود و أبي بن كعب و ابن الزبير ، وعائشة و غيرهم رضي الله عنهم أجمعين . و تلقى التابعون التفسير عن الصحابة رضي الله عنهم فهم أعلم الناس بالتفسير بعد الصحابة رضي الله عنهم .
و قد اتسع باب التفسير في عهدهم فأصبحوا يفسرون كثيرا من الآيات التي لم يفسها الصحابة لوضوحها عندهم .
و قد اشتهر عدد من التابعين بالتفسير منهم : سعيد بن جبير ، ومجاهد بن جبر ، وعكرمة ،و طاووس ،و عطاء بن أبي رباح ، وزيد بن أسلم ، وعامر الشعبي ،و الحسن البصري ، و قتادة بن دعامة السدوسي و غيرهم .
ثم اتسع باب التفسير بعد عهد التابعين حتى شمل القرآن كله ، وبعد عهد التدوين و الكتابة للتسير بعد أن كان عن طريق التلقي فحسب، ومن المؤلفات في هذه المرحلة تفسير ابن جرير الطبري و تفسير ابن أبي حاتم و غيرها .
و التفسر في هذه المرحلة شامل لكل آيات القرآن غالبا ، و مروي بالإسناد إلى رسول الله أو الصحابة رضي الله عنهم أو التابعين رحمهم الله تعالى . ثم قامت طائفة من العلماء بالتأليف في التفسير فاختصروا الأسانيد و أوردوا أقوالا دون أن ينسبوها لأصحابها، وضمنوا تفاسيرهم آراءهم و اجتهاداتهم في معاني الآيات ، وصار كل من برع في علم ملأ تفسيره بهذا العلم ، فالنحوي مثلا إذا ألف تفسير ملأه بأوجه الإعراب و قواعد النحو و مسائله حتى كأنه كتاب نحو ، مثل تفسير (البحر المحيط) لأبي حيان ، و الفقيه يكاد يسرد أبوواب الفقه و يتوسع في فروعه و يرد على المخالفين و يتوسع في ذلك ك الجصاص و القرطبي و هكذا .
و كذلك صار صاحب البدعة يؤول كلام الله على مذهبه الفاسد كالزمخشري من المعتزلة و غيره.
وقد سلك المفسرون في العصور المتأخرة مسلكا جديدا بتحسين العبارة و العناية بالأسلوب و الترتيب ، كما اعتنوا بجانب الإصلاح الاجتماعي و توجيه الناس إلى ما يقعون من عادات مخالفة لأحكام القرآن الكريم وتوجيهاته كالشيخ محمد بن عبد الوهاب و محمد رشيد رضا و الشنقطي و عبد الرحمن السعدي و الأستاذ سيد قطب رحمهم الله تعالى .
أقسام التفسير :
ينقسم التفسير للقرآن الكريم إلى قسمين :
القسم الأول : التفسير بالمأثور :
أي المأثور عن رسول الله و أصحابه رضي الله عنهم ، و يسمى التفسير بالرواية ؛ لأنه يعتمد على تفسير القرآن بالقرآن و بما صح عن الصحابة و التابعين و أئمة المفسرين في القرون الثلاثة المفضلة ؛ لأنهم أعلم و أحكم و أكثر اتباعا للسنة .
و هذا النوع من التفسير هو أوثق أنواع التفسير و أجلها وأجدرها بالاتباع و هو الأصل.
القسم الثاني : التفسير بالرأي :
أي التفسير الذي يستنبط بالرأي و الاجتهاد ، وهذا النوع من التفسيسر أقل اعتبارا و منزلة من النوع الأول ، لأنه يعتمد على اجتهاد البشر في استنباط معاني كلام الله تعالى . و ينقسم من حيث القبول و الرد إلى ضربين :
الضرب الأول : مقبول وهو ما لا يتعارض مع المأثور عن رسول الله و عن الصحابة رضي الله عنهم أو ما اجتمع عليه السلف رحمهم الله ، ويشترط لمن يتولى هذا التفسير أن يكون عالما باللغة و بالتسير بالمأثور و بعلوم القرآن و أصول التفسير، وأن يكون سليم العقيدة غير المعتقد غير مبتدع و لا متعصب لرأي.
الضرب الثاني : غير مقبول : وهو ما تعارض مع التفسير بالمأسور الثابت أو ما يتفق عليه الأمة أو خالف أصول العقيدة و قواعد الشريعة ، أو لم تتوفر في قائله شروط المفسر .
و يينبغي الإشارة هنا إلى أنه لا يجوز الخوض في الأمور الغيبية بمجرد الرأي ، كما لا يجوز القول في القرآن بغير علم ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((من قال في القرآن بغير علم فاليتبوأ مقعده من النار)). رواه الترمذي و قال : حديث حسن صحيح.
التعرف بأشهر كتب التفسير و المفسرين :
- ابن جرير الطبري :
هو الإمام محمد بن جرير الطبري ، ولد سنة 224 هـ في طبرستان ، إمام التفسير في زمانه ، وكان عالما بالقراءات و الحديث ، والفقه و الأصول و التاريخ ، وله مؤلفات في هذه العلوم ،وغيرها منها تفسيره ( جامع البيان في تأويل آي القرآن ) و تاريخه (تاريخ الأمم و الملك) و غيرها ، توفي -رحنه الله – سنة 310 هـ ، وتفسيره من أجل كتب التفسير بالمأثور و أسلمها و أصحها و أجمعها و أنفعها قال النووي : (لم يصنف أحد مثله ) عرض فيه أقوال الحابة و التابعين مع عنايته بالاستنباط و الترجيح و بيان ما يخفي من الإعراب ، ويروي بالأسانيد ، ويتحرى الدقة و الامانة و الصحة فيما يرويه ، مع سلامة المعتقد و التزام منهج السلف وهو كبير الحجم و قد قام الشيخان أحمد و محمود شاكر بتحقيقه و تخريج أحاديثه لكن لم يتماه.
- ابن كثير :
هو الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عملر بن كثير الدمشقي أبو الفداء ، ولد سنة 701 هـ ، عالم بالتفسير و الحديث و علومه و الرجال و التاريخ ، وقد أخذ عن شيخ الإسلام ابن تيمية ، وله مؤلفات كثيرة منها في التفسير ( تفسير القرآن العظيم) ، و كتابه (البداية و النهاية)من أشهر مؤلفاته في التاريخ وغيرها. توفي ؤحمه الله سنة 774 هـ و تفسيره من أشهر كتب التفسير بالمأثور، وعبارته سهلة موجزة ، فهو من أنفع التفاسير للقراء ، ويعتني بذكر الشواهد من الآيات الأخرى ، يقارن بين هذه الآيات حتى يظهر المعنى المراد مع الاستشهاد بالأحاديث و الآثار و تفسير السلف ، وبيان درجة الأحاديث أحيانا ، و نقل فيه الروايات الضعيفة و الآراء الشاذة، وهو متوسط الحجم ، طبع في أربع مجلدات.
- القرطبي :
هو أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري الخزرجي الأندلسي ، عالم فذ من علماء المالكية ، له مصنفات كثيرة ، أشهرها كتابه في التفسير (الجامع لأحكام القرآن) . توفي -رحمه الله – سنة 671 هـ . و تفسيره لم يقتصر على آيات الأحكام ، وإنما يفسر القرآن الكريم تباعا ، فيدكر سبب النزول ، ويعرض للقراءات و الإعراب ، ويشرح الغريب من الألفاظ و يضيف الأقوال إلى قائلها ، وينقل عن العلماء السابقين الموثوقين ولا سيما من ألف منهم في كتب الأحكام ،ويفيض في بحث آيات الأحكام فيذكر مسائل الخلاف ، و يسوق أدلة كل رأي و يعلق عليه ، ويرجح ما يراه راجحا . و الكتاب كبير الحجم وهو مطبوع .
- الشوكاني :
هو محمد بن علي الشوكاني اليماني ، ولد سنة 1173 هـ ن وكان مجتهدا عالما بالتفسير و الحديث و الفقه و اللغة و غيرها ، وله مؤلفات كثيرة أشهرها (فتح االقدير لجامع بين فني الرواية و الدراية من علم التفسير ) و كتابه (نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ) في الحديث و غيرها . توفي -رحمه الله – سنة 1250 هـ.
وتفسيره من أجود كتب التفسير التي جمعت بين التفسير بالمأثور و التفسير بالرأي بعبارات موجزة و اشتمل مع اختصاره على جوانب التفسير المهمة في اللغة و البلاغة، والأحكام و غيها ، كما يسرد الأحاديث و الآثار المتعلقة بالآيات ، و هو متوسط الحجم و قد طبع.
- السعدي :
هو عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، ولد في عنيزة بالقصيم سنة 1307 هـ ، حفظ القرآن صغيرا ، ثم اشتغل بطلب البوم الشريعة حتى قال أقرانه، وكان عالما بالتفسير و الحديث و الفقه و التوحيد ، له مؤلفات كثيرة من أشهرها (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) و (طريق الوصول إلى العلم المأمول) و غيرها ، وقد طبعت مؤلفاته -مجموعة في سبعة مجلدات . توفي -رحمه الله – سنة 1372 هـ .
و تفسيره ميسر وواضح العبارة ، يعتني بالمعنى الإجمالي للآيات دون استطراد إلى ما يتفرع من ذلك مع عناية بالعقيدة خصوصا و ذكر الحكم و الفوائد المستنبطة دون إطالة . وحجمه متوسط ، وقد طبع.
- الشنقطي :
هو محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي ، ولد في شنقيط بموريتانيا سنة 1325 هـ و تعلم بها ، ثم رحل إلى المدينة النبوية ، ودرس في المسجد النبوي و الجامعة الإسلامية بالمدينة ، له مؤلفات عديدة أشهرها تفسيره (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن) ، وكتاب (آداب البحث و المناظرة) و غيرها. توفي -رحمه الله – سنة 1393هـ .
و تفسيره معتمد على إيضاح آيات القرآن بالآيات الأخرى التي تفسرها، والتوسع في تفسير آيات الأحكام ، مع الاهتمام بالمعانى اللغوية و البيانية و الأصول و العقيدة، والإشارة إلى بعض مشكلات المسلمين في العصر الحاضر ، وموقعهم من الحضارة الغربية مبينا أن العلاج الناجع هو التزام القرآن الكريم و السنة المطهرة . و التفسير كبير الحجم ، وقد طبع.
1سورة القيامة : 17-18
2سورة الصافات :102
3صحيح البخاري ، كتاب بدء الوحي ، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله و صحيح مسلم رقم 252 ، كتاب الإيمان ، باب بدء الوحي إلى رسول الله ، و اللفظ للبخاري.
4أي ينقطع و يقلع عني
5هو جبريل عليه السلام
14رواه البخاري ، كتتاب فضائل القرآن ، باب جمع القرآن 12/9.